السبت، 13 يوليو 2013
عرض كتاب: رسالة في الشورى والإنفاق (الحلقة 2)
عرض كتاب: رسالة في الشورى والإنفاق (الحلقة الأولى)
الاثنين، 8 يوليو 2013
تدبر سورة الجمعة
هي
آخر سورة في هذه المرحلة وفي جدولنا اليوم، وتتناول موضوعين (حادثتين):
**
مخاطبة من لم يؤمن برسالة محمد من بني إسرائيل وهم الغالبية في يثرب.
**
وخروج بعض المسلمين من مسجد رسول الله أثناء تأدية الصلاة.
((1))
مخاطبة بني إسرائيل
(الآيات:1-8):
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ
الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ{1} هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ
رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{2}
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{3}
ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ
الْعَظِيمِ{4} مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا
كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{5}
قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ
مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{6} وَلَا
يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
بِالظَّالِمِينَ{7} قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ
مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{8}.
سورة
الجمعة أول سورة مدنية تخاطب بني إسرائيل، الذين سمعوا بدعوة محمد منذ سنوات.
وسافر البعض منهم لمكة وقابلوه وآمنوا به ونقلوا لغيرهم ما يدعوا له. وقد خاطبتهم
سور مكية كثيرة، كما سبق ورأينا. والجمعة تخاطب من أعرض عن الإسلام منهم، وهم
الغالبية. معللين ومبررين إعراضهم بأن محمداً ليس من بني إسرائيل، وحتى لو كان
رسولاً من الله فهو للأميين. أما هم فأحباء الله من دون الناس جميعاً، الذي خصهم
بديانة موسى، ولن يتبعوا رسولاً غيره.
فجاءت
بداية السورة لتقول لهم أن الهداية ليست قصراً على قبيلة أو جنس أو شعب دون آخر،
وأن الله سبحانه قد شمل برحمته قريش، أو الأميين، كما يسميهم بنو إسرائيل، وأرسل
لهم رسولاً منهم ليزكيهم ويهديهم سبيل الرشاد: يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ{1} هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو
عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{2} وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا
يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{3} ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ
يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{4}.
وتواصل
السورة مخاطبة بني إسرائيل ومشبهة إياهم بالحمار الذي يحمل الأسفار والكتب على
ظهره ولا يستفيد من العلم الذي تحويه، كونهم لم يحملوا أمانة ما ورد في توارة موسى
وتركوا العمل بها: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا
كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{5}.
وتستمر
السورة قائلة، إن كنتم تظنون أنكم أولياء الله وأحباؤه من بين البشر، فلماذا لا
تتمنوا الموت لتسارعوا للقاء ربكم: قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن
زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا
الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{6}.
وتؤكد
السورة أنهم يكرهون الموت لأنهم لا يطمئنون لمصيرهم يوم القيامة: وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ
أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ{7} قُلْ
إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ
تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ{8}.
وتظهر
الآيات أن غالبية أهل الكتاب في يثرب أعلنوا موقفهم الرافض للإسلام منذ الأيام
الأولى لهجرة محمد، وكسنة متبعة: فمن يعلن الكفر في البداية لن يؤمن أبداً مهما
دعي.
((2))
خروج بعض المسلمين من المسجد أثناء الصلاة
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن
كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{9} فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ
وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ{10} وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا
وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ
التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ{11}.
الآيات
تبدأ بفرض قانون (تشريع) يوجب ترك البيع والشراء بعد سماع أذان الصلاة في يوم
الجمعة. وسبب هذا التشريع يعود إلى أنه فيما كان الرسول يؤم المصلين في يوم جمعة،
من الأيام الأولى للهجرة، ترك بعض المأمومين صلاتهم، وتسابقوا للحاق بقافلة وصلت
للتو للحصول منها على ما يحتاجون من متاع. (الآية لم تذكر القافلة حرفياً، لكن
السياق يوحي بحضور القافلة وقت الصلاة وهو الذي جعل البعض يتراكضون لاستقبالها):
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن
كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{9}.
والاحتمال
الأكثر أن من خرج من المسجد وترك الصلاة كانوا من مسلمي يثرب، وليس من المهاجرين.
ذلك أن المهاجرين صلوا مع رسول الله مدة طويلة وعرفوا أهمية الصلاة، لأن الآيات
التي تحث على المواظبة على الصلاة وأدائها بخشوع قد نزلت بينهم في مكة: قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2}... وَالَّذِينَ
هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{9} المؤمنون.
أما
مسلمو يثرب فقد دخل بعضهم الإسلام بلقاء واحد مع الرسول، وعاد ليثرب، والبعض الآخر
دخلوا الإسلام عن طريق شخص قابل الرسول، لكنهم هم لم يروه أو يجتمعوا به في مكة.
وتكون معرفتهم بتفاصيل الدين - ومنها الصلاة - قليلة.
وتسابقهم
على القافلة كون من فاته الحصول على ما يحتاج منها، قد يبقى زمناً طويلاً قبل أن
تأتي قافلة أخرى، أو يضطر لدفع مقابل مادي أكبر للحصول على ما يريد ممن حصل عليها
من القافلة قبله. فجاءت سورة الجمعة لتقول لهم أن ضياع أجر الدنيا لا يقارن بضياع
أجر الآخرة، وأن التجارة الرابحة هي ضمان الجنة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{9} فَإِذَا
قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ
وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{10} وَإِذَا رَأَوْا
تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ان فَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ
اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ
الرَّازِقِينَ{11}.
والآيات
تشير إلى أن هناك سوق تجارية تقام يوم الجمعة في يثرب، وبالقرب من مسجد الرسول
" رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً
قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ".
وإلى
لقاء قادم بعون الله
صوم أهل الشمال
برغم أن القلب حزين على اغتصاب الحق وسيطرة الاستبداد في مصر إلا أني سأعلق على تساؤل من أخ فاضل
فقد كتب الأخ Houssem Abraxas تعليقاً على الفيسبوك حول مواضيع رمضانيات، يقول:
كنت أتمنّى مزيد الأفاضة في الشرح و أستعارة أمثلة حيّة من الواقع مثل الصوم في القطب الشمالي أو غيره من المناطق الأخرى حيث لا تلازم في تحديد الأشهر. ... انتهى
وتعليقي:
في البداية ليس هناك أناس يعيشون في القطب الشمالي، وحتى الأسكيمو تركوا ...التجوال في الغالب.. ولعل أقرب تجمعات سكانية مشهورة لدائرة القطب هي بلدة جوكموك Jokkmokk السويدية التي تقع على خط عرض *66:'33 أي أنها تقع على خط دائرة القطب الشمالي (*66:'33). وهي بلدة يعيش فيها أفراد قلة من المسلمين عبارة عن عمال من شمال أفريقيا في الغالب. وسيكون وقت الصوم في بداية رمضان هذا العام 23 ساعة والإفطار ساعة واحدة فقط ثم يزيد وقت الإفطار ليصل إلى أكثر من 4 ساعات في آخر الشهر، وعشرين ساعة صوم. وإن وجد بلدة أو بلدات أخرى قرب الدائرة القطبية فينطبق عليها ما ينطبق على جوكموك. ووضعهم استثناء من القاعدة وسنعود للحديث عنه.
وهناك بلدة جونو Juneau عاصمة الأسكا حيث تقع على خط عرض *58:'20 وهو موقع جنوب خط دائرة القطب الشمالي بحوالي 8 درجات.
ويأتي بعد ذلك تجمعات سكانية كبيرة تقع في أقصى الشمال المعمور من الأرض مثل أوسلو عاصمة النرويج والتي تقع على خط *59:'56واستوكهولم عاصمة السويد، وتقع على خط عرض *59:'20 ومالمو السويدية والتي تقع على خط عرض *55:'36
وستتراوح ساعات الصوم في هذه المدن ومدن وبلدات أخرى تقع على نفس خطوط العرض لهذا العام ما بين 20:40 ساعة تقريباً في أول رمضان تنخفض إلى 18:40 ساعة تقريباً في آخره. أي أن ساعات الإفطار ستتراوح بين 3:20 ساعة إلى 5:20 ساعة في آخر الشهر.
وهي مدد صوم طويلة، لكن لو أخذنا في الاعتبار أن الجو لطيف ورطب، فسيكون صوم تلك الساعات الطويلة أهون من صوم عشر ساعات في مكة الجافة والشديدة الحرارة، والتي سيصوم قاطنوها هذا العام من الساعة 4:19 إلى الساعة 7:07 أي 14:48 ساعة صوم في أول الشهر وتقل حوالي عشرين دقيقة في آخره.
والذين دخلوا الإسلام في تلك الأصقاع الشمالية يصومون دون تذمر، ولعل أغلب الأسئلة عن الصيام في تلك المناطق ليس من أهلها ولكن من أناس يعيشون بعيدا خارجها.
الخلاصة: الصوم طويل في البلاد الشمالية لكنه محتمل. والأفراد الذين يعيشون في دائرة القطب والذي لن يزيد وقت الإفطار عن ساعة خلال أربع وعشرين ساعة فهؤلاء استثناء ولهم عدة خيارات، لعل منها:
** وجود عذر لهم بعدم الصيام مثلهم مثل من كان مريضاَ، يكون لهم خيار بين صوم عدة أيام أخر أو فدية إطعام مسكين عن كل يوم افطار. يعني إعاشة مسكين يوم كامل عن كل يوم صيام أفطروه. وهذه ليست فتوى واجتهاد مني ولكن قياس على ما ورد في كتاب الله. وقد أكون مخطئاً، لكن لو كنت أعيش في جوكموك في هذا الرمضان لفعلت ما قلته هنا.
كل من يعيش في مدن شمالية كمالمو واستوكهولم وأوسلو وجونو وغيرها يصوم ولن يكون هناك عناء ولا لغب ولا نصب، لكل من كان راسخ العقيدة. أما من يبحث عن مبررات واعذار فهناك من يعتبر الصوم في البلاد العربية مشقة. وهؤلاء المشكلة في يقينهم وليس في الطقس والحرارة وطول الصوم. وليس لهم جواب هنا لأنهم لن يعجبهم العجب.
بقيت أوقات الصلاة التي لم يسأل عنها الأخ الفاضل
ونقول أن أوقاتها تبقى كما هي، حتى في جوكموك والتي لن يزيد الليل فيها عن ساعة واحدة. حيث سيكون هناك صلاة بعيد غروب الشمس وصلاة بعد ذلك للعشاء، وصلاة للفجر قبيل شروق الشمس وهذه الأوقات الثلاثة ستؤدى خلال ساعة الليل. ثم هناك صلاة بعد شروق الشمس لطرف النهار الأول وصلاة آخر النهار وقبل مغيب الشمس لطرف النهار الثاني. ولن تتأثر مواقيت الصلاة بطول وقصر اليوم إلا لمن كان شمال دائرة القطب وفي أيام قليلة جداً خلال العام حيث ينعدم الليل أو النهار. وهؤلاء سيكونوا من الندرة والاستثناء ولا عبرة لهم. بمعنى أن تقديرهم للصلاة ليس قاعدة بل استثناء.
والسلام.
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)



